Monday 27 February 2012

أرق

الأرق يضرب من جديد...يهجر سريره و هو يعابث شعره الذى صار أشبه بكتلة من الأسلاك الكهربية المتشابكة....تحدثه نفسه بأن كوب لبن هو حل منطقى لتلك المهزلة التى صارت جزء من روتين حياته

يتجاهل نفسه و يذهب ليغسل وجهه ببعض الماء البارد ..تقابله عينيه المنهكتين فى المرآه...عينا عجوز لا عينا شاب فى الثلاثين من العمر أبدا...اللعنة على  أن تعرف أكثر ..يقولها لنفسه بنصف إبتسامة

يعابث مؤشر الراديو لينبعث صوت دايدو من إذاعة أجنبية مبهمة...الآن فقط وقت اللبن..يقولها فى بلاهة طفولية

يرفع من صوت الموسيقى لتتنامى جيدا لمسمعه و هو جالس على سور الشرفة....الساعة قاربت الرابعة فجرا مما يعنى حتمية إستيقاظ أحد الجيران ليسبه بأقذع الألفاظ و لكنه لا يهتم حقا

يخرج هاتفه...يعبث هنا و هناك بحثا عن صديق أو صديقة ليتجاذبا أطراف الحديث لأنه يشعر بأنه هناك ما يقال...لأنه فى حاجة لأن يعرف بأن هناك من هو مُسَهْد مثله...يتراجع قبل أن يطلب رقما ما لأن كل الكلام قد قيل من قبل و لأنه ليس فى حاجة لأن يستمع إلى إعترافات ليلية خطيرة أو آراء تافهة كانت أو ذات قيمة من أحدهم

سيجلس مع ذاته ليتجاذبا أطراف الحديث إذا... تيــك ذات !!... إبن اللذينه اللى مشغل الأغانى موده حلو..يا دى الليلة.. يقولها بإبتسامة حقيقية

آذان الفجر يصدح فى أرجاء المنطقة ...جميل..نصف ساعة إذا و سيجد عم سيد قادم بعربته الصغيرة ليضيف لحياته سببا آخر يجعله يزداد تمسكا بها

ينهض فى خفة..يصلى..يرتدى ثيابه كيفما اتفق ثم يعد حقيبة خفيفة تحمل الأثير إلى نفسه من الثياب و ينسل إلى الشارع...يبتاع بعض الشطائر من عم سيد و يمنحه الرجل بعض الدعوات بالصحة و الستر بلا مقابل

ينساب بعض التفاؤل إلى روحه المرهقة يعرف جيدا من أين أتاه ...رائحة يد أمه و دفء إبتسامة أبيه تداعبان روحه...هو عائد إلى البيت


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملحوظة على جنب

الأغانى اللى البطل كان بيسمعها

Dido-Don't believe in love
Take that-Patience

Wednesday 22 February 2012

كيفــك انت

يوم عمل طويل هو....تعود من الخارج بقدمين أشبه بالاسفنج المبلل بالماء....تلقى حملها من الأوراق على الطاولة و تجلس قليلا لتلتقط أنفاسها المتلاحقة..تفرط عقد شعرها الأنيق  و تترك هواء الشتاء البارد يتخلله...تخلع نظارتها ...ثم تتذكر جوعها فتذهب فى تثاقل إلى المطبخ لتعد شيئا تأكله

تتحاشى النظر إلى الصورة المعلقة هناك....ثم تدرك أنه حمق...تقف...تدير وجهها للصوره و تعيد إكتشاف ملامحه....إبتسامته الهادئة ..عيناه الثاقبتان..لم إفترقا؟!...لا تذكر تحديدا..أعوام قد مضت...تتأمل إنعكاس عينيها على عينيه فى زجاج إطار الصورة...جُل ما تذكره أنها كانت العاشقة الأولى لسخافاته....سعاله الذى يفضح تقلب مزاجه...و كذلك ملابسه الغير مهندمة

يقولون أن التفاصيل هى ما يجعلك تقع فى الحب....كذلك يقولون أنها هى ذات السبب الذى يجعلك تقع خارجه...إن جاز التعبير

فيروز ما زالت  تلازمها حتى فى أسوأ الأوقات....تدندن بصوتها الشجى...زعلت بوقتها و ما حللتها...إنه انت...هيدا انت

اللعنة...الثلاجة كعادتها مؤخرا فارغة

تعيد عقص شعرها مرة أخرى...تصدم قدمها مرارا فى كل محتويات الشقة حتى تصل إلى نظارتها...تمضى عشر دقائق فى البحث عن مفاتيح السياره حتى تجدها

المطعم أخيرا....بعد كل هذا الكم من الذكريات صار مستحيلا ألا تلتهم خروفا كاملا ...يجب أن تتيح للدماء فرصة أن تهرب إلى معدتها بعيدا عن عقلها حتى تستريح قليلا...فقط تستريح

بتذكر آخر مره شفتك سنتها؟

صخب...مناسب تماما لكى يذيبها وسطه فلا يشعر بها كائنا من كان

هناك فى وسط المكان بالضبط...يجلس هو و زوجته و طفليه الجميلين...تتسمّر قليلا....تبتسم إبتسامة لن تصدقها ما لم ترها ...تتحول إلى قهقهة خفيضة...تدير ظهرها فى هدوء للنادل الذى جاء يرحب بها فى حفاوه كعادته قائلة معلشى يا حسين مش النهارده بقا

أنا و انت....مالا انت

تنسل سريعا من بين جنبات المطعم إلى الهدوء الغير معهود للشارع....تؤمّن سيارتها...ثم تقرر أنها ستذهب لمنزلها سيرا

قال عم بيقولوا صار عندك ولاد...أنا و الله كنت مفكرتك براه البلاد...شو بدى بالبلاد؟!...الله يخلى الولاد

Monday 20 February 2012

كوابيــس

الإبتسامة الجانبية العابثة والشعر الثائر.....

من ينسى المقتحمين...أولئك الذين يأتون كى لا يذهبوا أبدا...ذوى الآراء الضدية.. الذين يقدرون على تحديد أين يكمن السخف فى باطن الأمور التى تبدو ذات أهمية عظمى ...لسبب كهذا لن ينسى رافع أبدا نيفين

نيفين ذات الخامسة و عشرون...التى تعرف جيدا كيف تزلزل الأرض من تحت قدميك بجملة عابره تلقيها و هى غير عابئه بما تقول.... و تنتظر فى صبر الذئب حتى تلمح الحيرة فى عينيك لتعاودها إبتسامتها الجانبية العابثة التى لا تعنى سوى "ها هو أحمق آخر يتصنع التمسك بآراء يعرف جيدا أنها ليست أرائه"...نيفين التى تمتلك طنا من الأصدقاء الذين ليسوا بأصدقاء....نيفين التى تعيش وحيده ..نيفين ذات الشعر الثائر الذى لا يعرف هدوءا أبدا

نيفين التى لا تعبأ كثيرا بما يراه الآخرون

الإبتسامة الجانبية العابثة و الشعر الثائر.....

لم قد يهتم رافع بكل هذا إن لم يكن مخبولا من هواة الترصد؟!....لم تتجاوز معرفته بنيفين سوى مقابلات العمل فى مكتب المحاماه الذى يعملان فيه سويا...رافع قد أنهى دراسته لتوه بتقدير جيد جدا لذا فهو متأهب كدودة القز لقضم ورق شجر المحاماه...و كالعاده كانت مهمة نيفين بصفتها ذات أقدمية عن رافع  أن تقلل من حماسه المخيف و تستبدله ببلادة موظف حكومى جل وظيفته أن يهرع من محكمة لأخرى لإنهاء معاملات ورقية غاية فى البلاهة تليق بمقامه كخريج مستجد

إهتمام رافع بنيفين كان حتميا....من لا يهتم بمن يجعل حياته عذاب مقيم لا ينتهى؟!

الإبتسامة الجانبية العابثة و الشعر الثائر.....

مات أبويها بإختناق نجم عن تسرب غاز ذات ليلة أربعاء بينما كانت هى تتأهب للخروج من المشفى النفسى صباح الخميس بعد رحلة علاجية قصيره لنوبات الذعر الليلى التى تزورها من آن لآخر بسبب تحرش أحد جيرانها الأوغاد بها و هى فى عمر السابعة....خرجت يوم الخميس من المشفى لتتأكد تماما أن العالم ليس رفيقا بمن تبدو على ملامحهم البلاهة و الطفولية...عاملها الجيران أولا كمجذوبة مكلومة...عاملوها بعطف ممزوج بشفقة و خوف واضحين..مع مرور الوقت تحول خوفهم إلى ذعر حينما تولى الجار الوغد-المتحرش- نسج أقاويل لا يصدقها عقل طفل عن أن نيفين كانت تعالج من مس شيطانى و كيف أن العلاج فشل مما تسبب فى غضبة شيطانها الذى سخر أتباعه لقتل أمها و أبيها قبل خروجها من المشفى كى يمهد لها الطريق لتعيش حياة ماجنة بلا قيود أو مراقبة من أى نوع

كلام أضحك نيفين كثيرا بقدر ما أبكاها

الإبتسامة الجانبية العابثة و الشعر الثائر.....

الرابعة عشرة...ليس بالسن الذى يتركوك فيه و شأنك..لابد أن يظهر لك عم أو خال من نوع ما ليقرر أنك صرت مسئوليته...دور سخيف يختاره العم أو الخال لنفسه ثم يسأمه بعد فترة حينما يجد أن الفتاة الجديده بالوعة للمال و مصدر تهديد لإبنه المراهق ذو الشارب الأخضر الذى يحاول جاهدا النمو أسفل أنف متطفلة.....سنين تمر سريعة بالرغم من تلكؤها لتجد نيفين نفسها و قد
 حزمت حقائبها و تسلمت ما تبقى من ميراثها متجهة إلى الإسكندرية

ميراث ليس بالقليل إن إستثنينا حقيقة أنه كان يمكن أن يكون أكثر قليلا لولا أن العم قرر أن يكافئ نفسه على  إيوائه لإبنه أخيه لما يقارب الست سنوات

الإسكندرية العجوز كانت خير مضياف للفتاة البائسة التى لا نصيب لها مما أحاط بها من شائعات سوى أنها ذكية مفترسة كثعلب

و مالذى جعل الثعلب مفترسا سوى أنه نفسه معرض لللإفتراس؟!

الإبتسامة الجانبية العابثة و الشعر الثائر.....

غرابة أطوار نيفين....هيئتها العامة التى لا تتسق مع هيئات من حولها جعلت رافع يذهب بعقله إلى إحتمالات سريالية كثيرة كانت تحتاج إلى تأكيد...أى تأكيد

المحامى كائن فضولى بطبعه...لذا كان من الصعب أن يعرف رافع أن أصول نيفين من المنصورة و لا ينتهز فرصة سفره إليها كى ينبش قليلا أو كثيرا فى ماضى البائسة

و لأن الخرافات أشهى من الحقائق...عاد رافع يهاب نيفين كالطاعون...الأمر الذى راق لنيفين كثيرا
و لكنه أبدا لم يرق زملائها فى العمل...فبالرغم من الذكاء النسبى عند الجميع...و بالرغم كذلك من ثقافة البعض الآخر إتفقوا جميعا على نبذ الفتاه تماما...ليس نبذها فحسب....بل سرد قصتها لكل من يحيطون بهم

الإبتسامة الجانبية العابثة و الشعر الثائر.....

من قال أن فتاة بماض كماضى نيفين كانت ستحتمل أكثر؟!....ما نوع هذا الأحمق الذى يراهن على شخص هش هشاشة عود القش؟!....كان إبتلاع آخر ثلاثين قرص فى علبة الفاليوم كفيلا بإنهاء الأمر بدون دماء أو توتر...فهى لم تر فائده من المقاومة إطلاقا...خمسة و عشرون عاما و نيف من المقاومة تكفى...أضف إلى هذا أن الرب رحيم بالرغم من كل شئ.

الإبتسامة الجانبية العابثة و الشعر الثائر......


كان المشهد عجيبا بحق وقت أن أتى عم نيفين و زوجته و إبنهما لدفنها...زملائها فى العمل يقودهم رافع يمصمون شفاههم فى شماتة واضحة فى تلك المخبولة صاحبة الصلة الوثيقة بالشيطان....تتقاذفهم أنفسهم ما بين الشماتة والتقدير للذات لأنهم شاركوا أخيرا فى تنفيذ عدالة السماء فى ماجنة كهذه

كان من الصعب ألا يلحظ عمها تلك النظرات...كان من الصعب ألا ترقى لأذنه تلك الهمهمات عن أن الفتاة كانت شيطانة زنيمة...كان من الصعب ألا يعرف بماضيها الملفق الذى إلتصق بها منذ أن كانت بنت الرابعة عشرة

كان من الصعب أيضا أن يصمت العم عن تصحيح المعلومة....كما كان من المحال  أن تتهم كل هذا القطيع بأنهم مسئولون عن دماء فتاة منتحرة...أى قضاء سيقف إلى جانبك...بأى تهمة سيتهم القطيع؟!....نيفين و لا أحد سواها كانت صاحبة قرار إنهاء حياتها

...........

مازال رافع يزور قبر نيفين كل أربعاء ليقف أمامه لساعة أو يزيد يهمهم بعبارات غير مفهومة بصوت متهدج يخالطه الدمع...أحيانا يصحب معه جريدة نخيل...و أحيانا أخرى يصطحب رجلا يقرأ ما تيسر من القرآن

مازالت الإبتسامة الجانبية العابثة و الشعر الثائر يسيطران على كوابيسه الليلية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ملحوظة على جنب

الحبكة مش عبقرية...عارفه ده كويس

ملحوظة تانيه

ده البوست ال 108

Friday 17 February 2012

عصــف رأس

البكتريا صارت غير جديرة بالدراسة المجهرية....البشر أجدر..ما كنه ذاك الأحمق الذى لا يحب أن يراقب كائن يمتلك عينين و فم و يدين و قدمين و يمتلك ولعا غريبا بإرتكاب الأخطاء؟!...هه؟

من جعل النخبة نخبة سوى جمع من الحمقى يعشقون الإنسياق ؟!

أنا أمتلك حلولا عبقرية لكل شئ تختفى بمجرد مغادرتى للسرير فى الصباح الباكر...لو أنى أمتلك موظفا دؤوب لا يقبل الرشوه يسجل كل أفكارى فى دفتر أثناء نومى...فقط لو أمتلكه...كنت سأصبح على قدر أكبر من الثبات العقلى

أختلس النظرات إلى وجهه المتورد قليلا و عينيه الزائغتين و تلعثمه المثير للشفقه لأتأكد تماما من أن الأحمق معجب بها إلى حد الجنون...أختلس النظر إلى ميوعتها المصطنعة لأتأكد تماما من أنها تستمتع بتعذيبه

لم يصنعون من العاديات ما ورائيات؟!

معجزه الزجاج المعتم هى أنك تستطيع مراقبة العصافير بدون إفزاعها..فقط إلصق أنفك بالزجاج و تمتع بفاصل من زغزغة الروح

حينما تتشاغل عمن حولك طوال الوقت...إعلم أنه لا شئ أصبح يكفى

من قال أن الروتين لا يجعل لك قلبين فى جوفك؟!

راقبته طويلا...حتى صار يشكل جزءا لا بأس به من روتينى اليومى...لكم قاومت رغبتى فى أن أعطيه حزاما يرفع به بنطاله المتدلى إلى ركبتيه حتى أستطيع أن أفرغ مساحة فى رأسى لما هو أهم

جلب صغار إلى هذا العالم...من قال أنها نزهة نيلية...من قال أنها رغبة يجب أن تُشبع و كفى ؟!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ملحوظة على جنب

بجرب دماغى...بقالى زمن ما كتبتش

Wednesday 1 February 2012

لسعــة برد

لم تكن تعلم أن لحظة الصدق مع الله التى ظلت تنشدها لوقت طال ...ستأتى فى يوم كهذا أبدا...يوم عاصف ملئ بالبرق و الرعود...البرق هو قبس من نور الإله الرحيم...لطالما كانت تخبر نفسها بهذا

تخرج إلى الشرفة....تتحدث معه قليلا ثم تترك الدفء يتسرب من جسدها ليحل محله ذلك البرد الذى يطمئن الروح أحيانا....ذلك الصقيع الرحيم الذى ينجح دوما فى طمأنة القلب المشتعل

الصقيع الذى يدفئ الروح....و كفـــى