Thursday 28 March 2013

الجســـر

ثقل العالم يقبع فوق صدرها و لم يوجد بعد ما سيفلح فى إزاحته....تمد يدها إلى صدر جلبابها لتتأكد من أن الثلاثة جنيهات مازالت فى مكانها...تتنهد تنهيدة إرتياح ثم تبتلع ريقها الجاف و تبدأ فى تمشيط المحيط بعينيها التى حاوطتهما التجاعيد باحثة عن زير أو على أفضل الأحوال مبرد مياه.

الساندوتش يا حاجة!!...قالها الشاب الأسمر الذى اتخذ مكانه خلف عربة الفول المستقرة على أحد مداخل جسر المشاه المتهالك
تبتسم السيده فى مرارة و هى تتناول الشطيرة من البائع...ها هو جنية بالكامل قد إختفى من جنيهاتها الثلاثة...لعن الله العوز و العطش و الجوع و المال كذلك!

خدى يا حاجة...بلّعى...أعطاها الشاب كوب الماء دون كثير من الإكتراث و ذهب ليكمل عمله....و كأنه كان يسمع تماما ما يدور برأسها

لا يعلم إبراهيم متى ذهب لينام أو متى أفاق و هو مطمئن لأنه فى نهاية الشهر سيجمع ما يكفى من مال لدفع الإيجار و مصروفات أولاده الإثنين...أربعة عشر ساعة فى اليوم عليه أن يمضيها فى بيع الشطائر للمارة و لأصحاب الأشغال و للبؤساء من أمثاله و حصيلة اليوم دوما كوجهه شحيحة و سقيمة.

يفيق من أفكاره التى يصفها شيخ الجامع بأنها كفر على صوت العجوز المرتعش الخفيض و هى تخاطبه.. كام يا ابنى؟؟...
يراقب بعينيه أصابعها القلقة و هى قابضة على الجنيهات الثلاث ثم يخبرها بأنه خليها علينا المرة دى يا حاجة...كفاية حصلتلنا البركة