Friday 12 September 2014

عودة

المحقن ممتلىء حتى نهايته بسائل الفولتارين. أقف متأملة إياه لثوان قبلما أثبت المحقن داخل إحدى عضلاتى و أفرغه فيها. اثنتا عشرة ساعة من الراحة قبلما أشعر بالألم مجددا. حسنا إذا، سأستغل بعضا من الوقت لأحادثكم قليلا

أضع إحدى الوسائد خلف ظهرى و أتركها تتحد معه لتأخذ شكله و أجد نفسى أغوص فيها شيئا فشيئا حتى يستريح ظهرى المنهك تماما.

 ألا بارك الله فيمن قدم الديكلوفيناك صوديوم لموجوعى العالم!؟

أعلم تماما أن الألم ليس جسدى. أعلم تماما أن عقلى يعابثنى و لكن لنعابثه فى الإتجاه المضاد و نعطيه ما يخرسه

أثبت السماعات الصغيرة فى أذنى و أدق زرا على هاتفى و أنتظر انسيابها داخل رأسى. أتنقل بين الأغانى سريعا لأنه لا شىء يعجبنى. كلهم يغنون علىّ .. لا أحد يغنى لى.. لعقلى المنهك أو لنفسى المتعبة

فيروز أصدقهم كالعادة. أصل ل "قصة صغيرة كتير" و أتسمر فى مكانى

لنأخذ إذا نفس عميق و نترك فيروز تغنى لنا.. كما تفعل كل مرة

يقف هناك كأحد المتسكعين فى طرف مجالى البصرى، يأتى ماشيا على مهل ثم يجلس إلى جوارى و ينتظرنى بأدب مبالغ فيه لأبدأ بالحديث، سأصمت .. سأظل صامتة. سأملأ الفراغ بنظرات جانبية مريبة و لا مانع أيضا من بعض التطلع إلى سقف الغرفة فى عبثية حتى يصمت و يرحل

نعم، سيرحل

" أنا هنا لصالحك.. أنا لا أتى إلا حينما يصبح الوضع مزرى يا صغيرتى. لذا ابدأى بالحديث و إلا سأظل مرافقا لكِ طوال اليوم. و قلبى يحدثنى بأنك لست فى حال يسمح برفقة من يمتلكون لسانا يتحدث حتى و إن كان تخيليا"

يعرف جيدا كيف يستدرجنى للحديث معه كل مرة! كنت أعلم أن هذا اليوم لن يمر بسلام

ليس مزريا بالمعنى الحرفى يا رفيق. هو فقط ليس مريحا. لا أشعر بالراحة مع أفكارى مؤخرا، لا أستطيع أن أحدد هل هى مخبولة بما يكفى لدفعى للأمام أم رتيبة بما يكفى لإيصالى بأمان إلى أقرب نقطة أحصل عندها على بعض الهدوء المستحق

يعابث شعره القصير و يتسارع معدل تبدل ملامحه

أبتسم رافعة حاجبىّ فى تشف.. لا تتبدل ملامحه بهذا الشكل أبدا إلا حينما يتحير فقط و أكمل " لا تفكر كثيرا.. اُرهقت تفكيرا بما يكفى لكلينا"

فيروز فى الخلفية تنعى حالها بأنا فزعانة

يصمت رفيقى التخيلى كثيرا و يتركنى لأتسلى بطرقعة أصابعى..

" و لم لا تحاولين... ؟"

" لا تكمل.. أعلم جيدا أنك ستطلب منى تغيير ما حولى. لكن ليس هذه المرة. سأترك عالمى يتغير من تلقاء نفسه فأنا لا أمتلك من الطاقة ما يكفى لتغيير العالم.. ليس الآن"

اًبقى عينيّ معلقة بوجه رفيقى عسى أجد ما يشجعنى لأعدل عن رأيى.. و لا أجده سوى صامتا و بقى صامتا حتى تلاشى

No comments: