Tuesday 26 January 2010

عن تفـــاعلات....تفضى الى نواتج

رائحة كوب الشاى تفعم أنفى......رائحته أنعشت روحى بالدرجة التى تكفى لتجعلنى أكتب شيئا ما.......أضع كوب الشاى على الطاولة التى تناثرت عليها الأوراق و القصص و بعض القصاصات من هنا و هناك....أخرج الى الشرفة لأغلق (الشيش).....البرد يمزق أوصالى....و لكن هواء الليل المنعش يتسرب الى أنفى برغمها.....فأجدنى أستنشقه فى استحباب و وحشة...كأننى لأول مرة منذ ولدت أتنفس....كل هذا مغر....كل هذا يدعونى لأتحدث عن شئ ما...حسن سأترسل قليلا حتى يأتى الكلام وحده فيصير قطعه يحتاج الى مقص حاد تمسكه يد لا تعرف المحاباه....آخذ رشفة من كوب الشاى...ثم أعيد قراءة ما كتبت لأستجمع أفكارى

هناك أوقات يصبح من الهام جدا للمرء أن يقدر نفسه....و أن يقدره الآخرون..أن يقدر هو ظروفه و احتياجاته....و كذا أن يقدر الآخرون ظروفهم و يتوقفوا عن ارتكاب الحماقات التى يجد نفسه غارقا فيها حتى أنفه شاء أم أبى....أن يقدر-وهذا هو الأهم فى رأيي-...أن الآخرين ليسوا هنا لاسعاده فحسب أو لجعل حياته لا تطاق فحسب....لطالما قالت لى أمى دوما بضع كلمات تحمل معنا ثقيلا تعلمت مع الوقت أن أحمله "يا بنتى...اللى بيقدر مبيتعبش"....صدقينى يا أمى....أصبحت أقدر و أحاول ألا تتعبنى نتائج تقديراتى الخاطئة لبعض الأمور....أو الأشخاص

لن أنكر....لقد احتجت وقتا طويلا جدا لكى أتعلم فن التقدير....فتقديرى لأمى و أبى مثلا....لم يأت بين ليلة و ضحاها....فهو نتاج فترة طويلة من المشاحنات بينى و بينى....بين التى تطيع والديها و بين تلك التى لا تحب الخضوع لقرارات أحد.......بين ما لا أراه و ما أغمض عينى عنه....و بين ما يرونه هم بوضوح.....بين ما أراه أنا عميق التأثير....و بين ما يرونه هم يكاد لا يحمل معنا.....توصلت فى النهاية الى شئ واحد...لاشئ فى هذه الدنيا سيستطيع المساس بمكانة هذين الشخصين فى عينى مهما حدث

الألم يصقل الروح....يجعلها ترى ما كانت ترفض رؤيته...يجعلها تشعر بما اعتقدته لم يكن موجودا.....اذهب وضع يدك تحت ماء الصنبور....هل تشعر بأدنى ألم؟؟!!....-هذا بالطبع ما لم تكن يداك لوحا ثلج و الماء شديد السخونة-.....الآن اذهب و احرق يدك حرقا أخرق و أنت تمسك ببراد الشاى...حرق من النوع الذى يتلف الطبقة الخارجية من الجلد تماما.....ثم ضع يدك مجددا تحت الماء....هاااا....بم تشعر؟!!!....أليس غريبا أن طبقة من الجلد لا يتجاوز سمكها بضع مليمترات كانت تفصلك عن شعور لم تألفه من قبل....و على هذا فأنا أعتبر الألم معلما لا مثيل له

من يلقى بنفسه فى البئر....و يجلس بمنتهى الهدوء منتظرا من يأتى ليخرجه.....مخبول...و من لايريد أن يتحمل عواقب أفعاله...فهو مدلل...أما من يعتقد أنه سيفلت بما ارتكب من حماقات أو مصائب فهذا هو المعتوه

اصلاح النفس لا يختلف كثيرا عن اصلاح شروخ الحائط....اغسل الحائط بالماء جيدا...قم بمعجنة الشروخ....طبقتان من الزيت....ثم غط الحائط بالدهان النهائى....لن أكذب و أقول أنك قد حصلت على حائط جديد....أنت فقط قد رممت ذاك القديم و أعطيته لونا يصعب معه تخيل شكله السابق....فقط أنت وحدك...تعرف شكله جيدا

من كان غافلا فى حياته فى فترة ما....ثم لسبب لا يعلمه سوى الله...هدى(بضم الهاء و تشديد الياء)....تجد عيناه تلمع عندما يتحدث عن الله....تنتعش روحه عندما يذكره....أجد فى هذا تفسيرا رائعا للآية الكريمة التى قال الله فيها
الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثانى تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم و قلوبهم الىذكر الله ذلك هدى الله يهدى به من يشاء و من يضلل الله فما له من هاد

فيروز تشدو برقة قد ايش كان فى ناس....لقد مضى وقت طويل منذ سمعتها....ربما عام كامل....تخبو اشارات خلايا عقلى قليلا....لقد صار المقص دانيا من خيط الحكى الى حد يصعب تصوره ما لم تكن أنا....لا بد أن أكمل استذكار الحلقات الخماسية و تفاعلاتها....كما أننى أنهيت كوب الشاى منذ فترة و....حسنا لقد قطع الخيط و لا جدوى من محاولة البحث عنه....فلا بد أن مائة قط الآن يحاولون الظفربه


5 comments:

Unknown said...

البوست فى منتهى الروعة

بس انا عاوز اعلق علية بروقان بعد الامتحانات

قلم رصاص said...

فعلا تقديرنا للاخر ولمواقفه يعطينا مزيد من السهوله في التعامل معه وعدم اتعاب واحراج انفسنا

احييكي على البوست الرائع
وعلى مدونتك المتميزة

تقبلي مروري

OldCatLady said...

واحد مش فاهم حاجة

مستنية تعليقك

ـــــــــــــــــــــ

قلم رصاص

لما بنقدر الآخر...بنتعلم نقدر نفسنا و بالتالى بنتعلم نقدر الحاجات الحلوة اللى فى حياتنا اللى مكناش بنحب ناخد بالنا منها أو كانت تايهة فى وسط زحمة (أنـا).الموضوع كله دايرة مغلقة بتوسع مع العمر و الخبرات

تسلم و مرورك على راسى

:)

max.adams said...

بصراحة أنا مكسوف أقول بس
أنا قريت البوست حوالي 4 مرات و دي الخامسه و مش عارف أرد فعذراً

max.adams said...

يبدو أنني تأخرت ، ولكن لا أظنه يهم ...

المقال يبدو منفصلاً الى عدة أفكار ولكنها الى حد تترابط بذلك الخيط الذي تقاذفته القطط ..

الوالدان لديهما من الخبرة ما يقصر مسافات و مجهو على أولادهم ،، ولكن قد ينفذون ذلك بسياسات متعبة تعود بالسلب على المتلقي - نحن - وهذا ما نراه غضباً و كرها للتسلط و خلافه ،
ولكن هذا لا يزعزع مكانتهم لمن وعى أنهم الوالدين ، بكل معنى الكلمه

أما عن الألم ، فلا أتعاطف مع أي من أنواعه إلا الذي أعلم أنه يعود بفائدة ما .. مثل ألم المطهر على الجرح المفتوح أو الألم عند ازالة شعر الوجه بالفتلة عند الحلاق :)
و كذلك الألم الذي يجتاح جسدي عند التمرين ، فأنا أعلم يقيناً أن هذا الألم يتحول فيما بعد الى قوة تحمل و أداء رفيع
فالألم قد يصقل الروح و قد يضر النفسية ليحولها مبلبزة و مليئة بالحفر و البثور ،،، بكلمات أوضح .. المرض النفسي

أما الحائط ،، فما قلتيه لا يتعدى تغيير المنظر و ينطبق عليه قول القائل " أنا لا أكذب و لكن أتجمل " فهذا الاصلاح أسوأ من تركها على ما هي عليه إذ يؤخر ظهور الأعراض الى حين حدوث اجهادات أكبر و شروخ جديدة ،( حالة أسوأ )و حينها يصبح الحل أصعب

ملحوظة
لقد كتبت هذا المقال أيام البرد و التكتكه ، أنا طايق اللي عليا بالعافية من الحر
سبحان الله