Monday 2 September 2013

تسجيل حالة

إكوى الطرحة.. يلقيها على سمعى إنعكاسى فى المرآة بينما يكمل عد النقود و يضعها فى حقيبتى
تؤ.. أقولها فى لا مبالاة و أنا أضع قطعة من اللبان فى فمى بينما أحاول غلق سوستة الحقيبة بيد واحدة

يستدرك إنعكاسى فى المرآة قبل أن أغادر الغرفة " قوليلى كده، هو اللى بيزمر بيخبى دقنه؟".أحك رأسى فى شك و أنا أتساءل عن مدى جدوى السؤال و ما مناسبته أصلا ثم أرد بملل "لأ.. ما أظنش و مش وقته..انت هتفضل قاعد فى المراية كتير ولاّ هتنزل معايا؟".. يبتسم بخبث ثم يكمل "لأ جاى أهو..مش هينفع أسيبك تنزلى لوحدك كده" نلتحم سويا ثم نغادر الغرفة فى الطريق إلى الخارج

لعنة الله على المشاوير التى يجب أن تقوم بها. أكرهها فى حالتى العادية. فما بالك و أنا أمتلك من المزاج المتعكر ما يكفينى لعامين و نصف

يقابلنى أبى فى طريقى للخروج.. يحمل بيده شئ ما.. يشرق وجهه حين يرانى "جبتلك لمبة صفرا.. عارف إن النيون مضايقك" .. أشكره بابتسامة واسعة ليسألنى "خارجة؟" .."آه هخلص حاجات و أتمشى مع نفسى شويه كده".. "طيب ما تتأخ...". يتوقف عن الكلام حين يجد أن ابتسامتى الواسعة فى طريقها للتحول لابتسامة جانبية

صرت ممتنة فى العام الأخير لحقيقة أننى لم أعد فى حاجة للاستئذان قبل خروجى من المنزل.. و صرت ممتنة أكثر لحقيقة إنه ماليش مواعيد أرجع فيها البيت.. صار كل الأمر عائدا لمدى "شياكتى" فى التعامل مع أمى و أبى.. صار بيننا إتفاقا ضمنيا ..لا أحرق أعصابهم و فى المقابل لا يخبروننى ماذا أفعل

أنا أكبَر و هم يصغرون .. تماما كما قلت يا رب

الشارع للمرة الثانية فى يوم واحد .. برودة لطيفة فى الجو، اقتربنا خطوة من الشتاء كما هو واضح.. فوقفات الشرفة الليلية لم يعد يكفيها الشال الخفيف. و النمل فى حالة جنون التخزين التى تصيبه فى نهايات الصيف. العناكب بدأت تظهر على استحياء. و كذا قططى بدأ فروها يثقل بعض الشئ .و لهذا أنا ممتنة


أنهى مشوارى فى زمن قياسى و أجدنى للمرة الثانية فى أقل من ستة أشهر أقف أمام الكوافير أطقطق بحذائى و أدور حول نفسى .."أقص شعرى ولاّ بلاش؟".يظهر إنعكاسى فى الواجهة الزجاجية و هو يبتسم بلطف غير معهود "قصيه و دلوقتى حالا و إلا هتفضلى مترددة طول عمرك". "نأجلها لحد ما أتأكد؟".. تتسع ابتسامته اللطيفة ليخبرنى بأنه "هاسيبك براحتك المرة دى.. بس يوم ما أقرر مش هتقولى لأ تانى".. أرد باستسلام "ماشى". أقف لحظات لأتأمل نحولى فى واجهة المحل ثم أطرد الأفكار المقلقة التى غزت رأسى و أقرر أن أعرج على معرض الكتب فى الشارع الموازى


أتخفف من توترى و ضيقى على الباب.. أتركه بجانب ستاند كتب إبراهيم الفقى و كريم الشاذلى و الرجال من ما أعرفش فين و الستات منين .. أتركه تحديدا إلى جوار كتاب "لماذا لا يتزوج الرجال إلا المزعجات!؟" .."ما هو الحاجات اللى تعكنن ما تتسابش إلا جنب الحاجات اللى تعكنن" أقولها بصوت عال فى محاولة لأن "أفرفش" نفسى

أجول كالبلهاء بالداخل.. الكتب دوما تريح أعصابى و تجعلنى سعيدة ببلاهة. أمسك بنفسى أكثر من مرة و أنا أفكر فى استئذان القائم على المعرض فى إنى أبات هنا و حياة أبوه

أتسلى بمراقبة رجل و زوجته يدوران حول كتب السعادة الزوجية -مش اللى هى بتاعه إحنا جوز عصافير لأ..التانيه- على استحياء .. أبتسم فى خبث ثم أذهب لتفقد الحامل فى تناحة ..تختفى ابتسامتى الخبيثة بعد قليل ليحل محلها التجهم و الشعور بالأسى لحالهم

أتخير بعض الكتب و أنقد الرجل ثمنها و أخرج شاعرة ببعض التحسن.. الكتب عندها إيد افتراضية بتطبطب بيها على كتفك.. عندها كمان لسان تخيلى بترغى بيه معاك و انتوا مروحين البيت سوا

تاكسى آخر و لكن هذه المرة إلى البيت

انعكاسى يتقافز أمامى على زجاج النافذه .. أزفر ب"اوف.. مش هنخلص النهارده؟" .. يتطلع إلى السائق فى المرآة " بتقولى حاجة يا آنسة؟"..أتمتم ب"لأ مفيش حاجة" . يتسلل إنعكاسى كثعبان الجرس ليواجهنى و يعيد سؤاله " ما كملناش بقا.. اللى بيزمر بيخبى دقنه؟"..."يا سيدى أحيانا بيحاول..كنوع من أنواع الحماية للناس اللى بيحبهم و لنفسه..بس إنه يخبيها بمعنى يخفيها فلأ طبعا، أكيد هيفشل يعنى" ... يتظاهر انعكاسى بالشرود " ممممممم"...يوقن بعد فترة أنه لا فائدة من محاولة استفزازى اليوم فيصمت ليراقب الطريق ثم يلتحم معى من جديد حينما أدس رأسى فى أحد الكتب

No comments: