Monday 5 September 2011

ُُعٌصــــــــاب

تستيقظ فى غرفتها الضيقة نسبيا التى اعتادتها فى الفترة الأخيرة.....تنهض من السرير فى تثاقل لتزيح الستائر عن النافذة....يحييها نور الصباح فتحييه بتشنيكة من وجهها و إستمتاع حقيقى يسرى فى أوصالها.....بدا الضوء باعثا للتفاؤل و ليس جالبا لأفكار و ذكريات لطالما تمنت من الله أن يصرفها عنها

تقف هنيهة لتتذكر أين وضعت فوطة الإستحمام ثم تذهب للبحث عنها فى أركان الغرفة حتى تجدها ثم يحين وقت الإستحمام...صوت الماء الذى كانت تفشل تماما فى الإنسجام معه أو حتى سماعه لما يقرب من العامين قد عاد أخيرا ليطرب أذنيها...تتأمل جسدها المزال عنه الشعر بعناية و تتذكر كيف قضت أول ثلاثة أشهر هنا بدون وجود أية آلات حادة فى غرفتها على الرغم من أنها لم تكن تمتلك أدنى ميول إنتحارية ....تتذكر كيف مُنعت من إستخدام فرشاة الأسنان إلا تحت إشراف أحد الممرضين لإمكانية إستخدامها كآلة حادة....الأمر الذى جعلها تفشل فى النوم لليال عدة حتى عرفت كيف يمكن أن تصنع ما يشبه الموسى من فرشاة الأسنان إن إمتلكت بعضا من الصبر و الشريط اللاصق...وقتها عرفت أن المصحات النفسية تشجع المريض النفسى على أن يمتلك المزيد من الخيال المريض

تنتهى من الإستحمام و تضع ثيابها لتكتشف أنها قد زادت بضع من الكيلو جرامات....الأمر الذى جعلها تشعر بأنها عادت لتندرج مرة أخرى تحت تصنيف الأحياء.....تلتقط المشط لتبدأ فى تسريح شعرها الذى قارب أن يصل خصرها...لم يكن يعنى طول شعرها هذا زيادة فى الجمال أو شيئا من هذا القبيل....لم يعن لها سوى أنه قد مضى عام كامل بدون أن تضع مقص فى شعرها بدافع من عُصابها اللعين

تنهى حزم الباقى من أشيائها فى حقيبة صغيرة ثم تنزل بها إلى بهو المشفى .....تقضى بعضا من الوقت فى توديع بعض الأصدقاء و تمضى البعض الآخر فى مداعبة الممرضين و الممرضات 

أحد الأطباء: خلاص ....خروج النهارده؟؟
هــى: قال يعنى مش هو اللى كاتب الريبورت
هـــو: خلى بالك المرض ده عنيد و ذكاؤه من ذكائك......مستبعديش إنه ممكن يرجعلك بسبب تفصيلة صغيرة موجودة قدامك....إبعدى عن أى حاجة ممكن تضايقك...خدى نفسك بالراحة...واحدة واحدة هترجعى لحياتك العادية تانى
هــى:متخافش يا شريف.. مش أول مرة أدخل بسببه المستشفى ....بس المرة دى أنا عارفة إنه مش راجع..و أصلا أصلا يعنى أنا عمر ما كانت حياتى عادية..... فأنا هستعبط على نفسى لحد ما أبطل أفتكر إنى كنت فى يوم عيانة
د/شريف: أحسن حاجة فيكى العند.....أينعم خنقنى منك لما كنتى بترفضى تاخدى الأدوية....بس مع الوقت فهمت إن حالتك أصلا
مكانش ينفع معاها الدوا...تصدقى إنك أكتر مريضة فاجئتنى بالرغم من إن حالتك مش معقدة أوى

هـــى: أصدقك و نص
د/شريف: بس قوليلى...إشمعنى وافقتينى المرة دى و كملتى ال8 شهور فى المستشفى؟؟
هــــى: عشان المرة دى  مكنتش هقدر عليه و أنا بره لوحدى....كان لازم يبقا معايا ناس شبهى
د/شريف: على قد ما هتوحشينى على قد ما أنا نفسى ما أشوفكيش هنا تانى
هـــى -مبتسمة-: المرة دى مش هرجع تانى ....أنا متأكدة.... بس قوللى هو أنا لازم أقول سلام و هتوحشنى و كده ؟؟
د/شريف- مبتسما-:لا مش لازم يا مها....بس سلام و أنتى أكتر و كده 

فى هذا اليوم تأكد د/شريف أنه لن يراها فى حياته مرة أخرى و لو حتى عن طريق الصدفة فوثباتها الخفيفة فى طريقها للخروج و
عدم
إلتفاتها لتلقى على المشفى نظرة أخيرة قبل خروجها منه أكد له أنها أصبحت تعرف كيف تعنى بنفسها و بعصابها المهزوم جيدا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ملحوظة على جنب

أعتذر إن كانت أوصال القصة مفككة إلى حد ما

بعد ما خلصت كتابة القصة جت على بالى الأغنية دى.....إتكّوا كده و دندنوا معاها



صباح الفل لو قريتوا البوست صباحا....و مساءكو جميل لو قريتوه ليلا

No comments: