Saturday 13 April 2013

قصة أقصر من اللازم...

تعقد يديها على صدرها فى توتر غير واضح للعين.مقهى راقى كهذا يوترها...كثيرا.

يوترها بالرغم من أنها تعلم جيدا أن معظم العاملين به أشد بؤسا من أسماك بحيرات أدغال افريقيا وقت الجفاف...منذ عشر سنوات ربما أو ما يزيد لم تكن لتجسر على أكثر من أن تلمح هذا المكان بطرف عينيها أثناء مضيها فى الطريق.لمحة واحدة فقط و تتأكد بعدها جيدا من أحدا لم يلحظها.

-تحت أمرك يا فندم...نبرة مهذبة تسللت إلى أذنيها شبه المغلقتين

لقد حان دورها إذا

-آااا..شيكولاتة بيضا سكر مظبوط و سلايس تشوكلت كيك لو سمحت

 يهز الشاب رأسه فى رقى مفتعل بينما تحكم هى لف معطفها حول جسدها فى حركة لا إرادية لتعاود الغرق فى رأسها من جديد

لحظات قبل أن تدرك أنها تقف فى طريق صف طويل قليلا من مرتادى المقهى فتنتحى جانبا فى حرج لتزجى وقتها فى تأمل شئ ما يبدو مهما على هاتفها المحمول

-تارت تشوكلت كيك لو سمحت

هذا الصوت ليس بالغريب أبدا..صوت يقتحم ممرات أذنها فى جدية نحو الذاكرة و لا شئ سواها..ترفع عينيها فى ثبات عالمة جيدا ما ستلاقيه

هو: أهى دى صدفة حلوة جدا مثلا
بنصف موافقة يتحرك فكها أخيرا مخرجا مقطع واحد من الكلمات بدا لها فاشلا حد الضحك: طبعا

فى لعثمة اقتحمها سعال عصبى: فينك فى الدنيا دلوقتى يا نهال؟
-سمسارة فى الشركة اللى فوق الكافيه على طول...مهمة شويه فى المكان..بس مش أوى يعنى
هو: تستاهلى بصراحة
هى: انت كمان
هو: أنا كمان؟..أستاهل إيه بقا!؟
هى:هاه!؟

"يتدخل الشاب فى أدب مفتعل..."الاوردرات يا فندم

يبلل شفته السفلى ثم يردف: التارت للولاد..أصلهم توأم و النهارده عيد ميلادهم
تلتقط الكوب متحاشية النظر لعينيه و تحرص على أن يخرج صوتها مبتسما بربنا يخلّى

يرافقها إلى الباب ليجدا أن حدة الأمطار قد إزدادت قليلا و ليجد هو أن زوجته قد غادرت السيارة و وقفت لتلهو قليلا تحت الأمطار...تتوقف حينما تراهما و تتجه نحوه فى إبتسامة واسعة متسائلة

الزوجة: مش تعرفنا يا ابنى!؟؟
هو: دى نهال يا أسما...نهال صديقة من أيام الجامعة
تتدخل نهال: تشرفنا يا مدام أسما....بتحبى المطر و الشتا زى حالاتى...تتبع جملتها بابتسامة هادئة فى إتجاه على

يرتعش جفن على الأيسر قليلا و يغطى وجهه بابتسامة إجتماعية متكلفة

أسما: جدا جدا...على دايما يقولّى إنى بفكره بواحد صاحبه كان بيحب التنطيط فى المطر...جنان بقا تقولى إيه ..فرصة سعيدة يا نهال

-طيب..عن إذنكوا أنا عشان معاد راحتى خلص و لازم أرجع الشغل ..كل سنة و الولاد طيبين

تلقى كلماتها و تغادرهم مسرعة و هى تعلم جيدا أن شتاء على هذا العام لن يكون سهلا...مصادفة الأيام العابثة كانت أشهى كثيرا من طعم الشيكولاتة البيضاء فى فمها. أن تعلم أن أشتية على بعدما تركها لم تكن سهلة لهو أمر مريح..هو فى الحقيقة أمر أكثر من مريح.  

No comments: